رد على رشيد: الكذب فى الإسلام.

 

(ملحوظة: بعد نشر مقالتنا هذه حذف الفيديو من اليوتيوب)
 
     
      هذا الإنسان مزيف لبق وهو نفسه كاذب. سؤاله: هل الكذب يمكن أن يكون تشربعا من الله؟ سؤال مغرض بتحامل على الإسلام. كل ما أورده للتدليل حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر شيئا من القرآن الكريم يؤيد ما ذهب إليه إلا مثال واحد ليس ما فيه كذب أو حض على الكذب، وهو قول إبراهيم عليه السلام: "إسألوا كبيرهم هذا"، فقد حطم الأصنام لإثبات الحق أن ليس لهم حيلة فى حياة البشر، لا ضرا ولا نفعا. فالمقصود بالفعل ليس الكذب وإنما صالح البشر فيما فيه نفعهم، دنيا وآخرة. وقال لهم إسالوهم إن كانوا يجيبون، وقد أجاز الله ذلك للأنبياء والرسل مثل ما جاء فى سورة الكهف من قتل الغلام، قوله تعالى:
* وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْ‌هِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرً‌ا * (الكهف: 80)
من هنا قاعدة درء الفساد فى الأرض، وهو أخف بكثير مما جاء فى المسيحية ونوقش فيها وتهرب كالعادة:
 "فإنه ان كان صدق الله قد إزداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ"
       مقصود الكلام أنه ذكر التشريع فى السؤال، والتشريع فى الإسلام له قواعده فى أصول الفقه، قاعدته الأساسية إنزال الكليات على الجزئيات، بمعنى آخر تطبيق الكليات على الجزئيات، ولم يشرع قط بإنزال الجزئيات على الكليات فهو كفر صراح. كل كلامه عما قاله العلماء واهل الفتوى ويريد أن يجعله تشريعا من الله. وإن كان الحديث المستشهد به صحيحا فهو أيضا إتجاه خاطئ فى التشريع. معروف بأن السنة شارحة للقرآن ولم يرد قط أنها تعارضت معه فى كلياتها.
الأمر الثانى: أن رشيد هذا المزيف تناسى عمدا أو هو جاهل بحقيقة الإستثناء فى القاعدة، ويحاول أن يجعل هذا الإستثناء قاعدة، ما هو مرفوض فى الفكر البشرى الوضعى، فما بالك بالكتب السماوية؟ فقد قال تعالى جل شأنه:
* إنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ فَمَنِ اضْطُرَّ‌ غَيْرَ‌ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ* (البقرة: 173)
ورد مثلها مرتين أخريين، هى قاعدة الإستثناء أو الإستثناء من القاعدة متضمن فيها إنعدام الضرر، مثل عدم الصوم للمريض أو من كان على سفر، إضطرار لدفع الضرر، فإن جاء أحد وقرع الباب (مثاله الذى يضرب به المثل فى حديثه) ولست بحاجة اليه وقمت بتورية أو معاريض فليس بكذب، إنما دفع الضرر. أما فى الحرب فقد أمر سبحانه وتعالى رسوله الكريم:
* وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِين * (الأنفال: 58)
إنبذ إليهم على سواء فى حالة إستثنائية، الحرب، المكر بالمكر، والخداع بالخداع، نعم وإن كذبوا عليك فأكذب عليهم، فالحرب كما قيل خدعة.
الأمر الثالث فى تزييف الغير رشيد للأمور أنه قارن الفتاوى وحديث أوحد بالإنجيل، ولم يقارن القرآن بالإنجيل، فهو قياس باطل.
الأمر الرابع: أن عند العرب كذب أبيض وكذب أسود، الأول لا يؤدى إلى الضرر فليس بكذب حقيقى، كأن يقول إبنك لقارع الباب قابله فى المسجد، أو أن يسألك سائل ما ليس له شأن به فتقول له ما ليس له علاقة بالأمر، فهو كذب أبيض وإن تنافى مع الحقيقة وليس بقاعدة أخلاقية من ورائها.
الأمر الخامس: ماذا عن تحريف الإنجيل نفسه والقول بالتثليث، أليس بكذب على الله؟
الأمر السادس: فى إحقاق الحق مثل المحاكم والقضاة والتقاضى، يسمع القاضى كلا الطرفين للوصول إلى العدل فى الحكم، وفى القرآن الكريم ورد النهى كما ورد الأمر فى نفس الأمر لإثباته، خلاصته أنه لم يذكر شيئا من القرآن الكريم فى تحريم الكذب وهو كثير، وفى فقه الأصول للتشريع إن كان من تعارض بين دليلين نظر فى الترجيح، أهل الأصول أهل له.
أيها الرشيد ثب إلى رشدك وإتق الله إن كنت تؤمن بأى إله.
ما هو مشهور فى الحديث الشريف ولم يتطرق إليه رشيد:
* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) رواه البخاري (34) ومسلم (58) 
* يقول صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، رواه البخاري و مسلم وغيرهما.

فتوى:
 
< السؤال: ما حكم كذب الأم لمنع زواج ابنها من فتاة ما لا تعجبها حيث تقول له إني قد أرضعتها وأصبحت أختك في الرضاعة؟ وهل تعتبر كاذبة؟ وإذا كانت كاذبة فما كفارتها؟.
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الكذب محرم في الأصل، لما في حديث الصحيحين: "
وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار". انتهى. ولا يجوز منه إلا ما تعين وسيلة لدفع ضرر لم يمكن دفعه إلا به، وإذا كان الأمر كذلك فإن الأم يختلف حكمها بحسب حال ابنها: فإن أيقنت بحصول ضرر عليه في دينه ولم تستطع دفعه إلا بهذا فلا حرج عليها ولا كفارة، وكذا إن كان هناك ضرر دنيوي معتبر لا يمكن تفاديه إلا بهذه الوسيلة، وأما إن لم يكن هناك ضرر معتبر شرعاً أو كان ووجدت وسيلة لدفعه دون هذا الكذب فإنها تكون مذنبة مخطئة فيما عملته، وأما الكفارة فتكون بالتوبة النصوح، فقد قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{المائدة:39}.
هذا وننبه إلى أن الأصل بر الابن في ترك الزواج بمن كرهتها أمه، إلا إذا تعلق قلبه بها، وخاف من وقوع المعصية فإنه يقدم طاعة الله على طاعة أمه، وراجع الفتوى رقم: 141389. والله أعلم.> 
المصدر: إسلام ويب
-------------------
مقال:
< الكذب والتضليل فى الحديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
كن صادقا فالصدق يؤدى إلى الصلاح والصلاح يؤدى إلى الجنة. احذر الكذب فالكذب يؤدى إلى الضلال والضلال يؤدى إلى النار). بهذا الحديث حث الرسول الكريم على التحلى بالصدق فى القول والبعد عن الكذب والنهى عنه، فجميع الأديان السماوية تحرم الكذب وعلى رأسها الدين الإسلامى. فقد نهى الله تعالى عن الكذب فى قوله عز وجل بسورة غافر (أن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب )، وهذه الآية الكريمة دليل على أن الكذب يعتبر احد الذنوب التى تستوجب العقاب وتمنع الهداية، وبالتالى فإن ممارسة الكذب فى نهار رمضان تعتبر من الأخطاء الجسيمة التى يقع فيها العديد من المسلمين والتى قد تؤدى إلى عدم قبوله.
ويحذر فضيلة الشيخ أحمد ترك من كبار علماء الأزهر من الكذب بوجه عام، مؤكدا إنه يتنافى مع أخلاق وعقيدة المسلم ويعد خصلة من خصال الكفر والنفاق. والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى (
إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون)، كما جاء فى السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر). وفي حديث آخر للشيخين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أوتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر)، وهذا كله يدلنا على مدى نفور الإسلام من الكذب وتربية أبنائه على التطهر منه سواء ظهر من ورائه ضرر أم لا، يكفي أنه كذب وإخبار بغير الواقع وتشبه بأهل النفاق. وللكذب أضرار جسيمة أكبرها اعتياد اللسان عليه حتى يصعب على الإنسان تركه.
فقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع فريسة لهذه العادة السيئة التي تنتهي بصاحبها بعد الاعتياد عليها أن يكتب عند الله من الكذابين فيقول (ص): (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً). ومع هذا فإن من خصائص الإسلام أنه دين يجمع بين المثالية والواقعية في توازن وتناسق ولا يكتفي بالتحليق في أجواء المثاليات المجنحة دون النزول إلى أرض الواقع الذي يعيشه الناس. ولكن اختلافا عن معظم الأديان هناك حالات خاصة لا يبيح فيها الإسلام الكذب وفى حالات أخرى يشجعه فهناك حالات يكون فيها الكذب أكثر فائدة من الصدق للصالح العام ولفض النزاع بين الناس والألفة بينهم. فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: (
لا يضل من يصلح بين الناس بالكذب)، ومن يؤيد الصلاح ويقول ما هو صالح. فقد ذكر الإمام أبي حامد الغزالي في موسوعته الإسلامية « "إحياء علوم الدين" نصا أن الكذب ليس حراماً لعينه، بل لما فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره، فإن أقل درجاته أن يعتقد المخبر الشيء على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلاً، وقد يتعلق به ضرر غيره، ورب جهل فيه منفعة ومصلحة. فالكذب محصل لذلك الجهل فيكون مأذوناً فيه وربما كان واجباً. فالإسلام قد يحل الكذب ولكن فى أمور معينة، مثلا فى حالة الضرورات التى تبيح المحرمات مثل الحرب أو الإصلاح بين شعوب وقبائل، او بين الرجل وزوجته. والدليل على إباحة الكذب فى بعض الظروف مذكور فى القرآن والسنة، فقد قال تعالى فى سورة المائدة: (لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم واحفظوا إيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون). وفى سورة البقرة قال عز وجل: (لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم). وجاء فى سورة النحل (من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ). وهذه الآية نزلت على محمد بعد أن سمع أن عمار بن ياسر كفر بمحمد عندما أخذه بنى المغيرة وعذبوه إلى حد الموت وأجبروه على ذلك، فقال له محمد صلى الله عليه وسلم: (إن عادوا فعد )، أى إذا أخذوك مرة أخرى فاكذب مرة أخرى. وقد جاء فى كتاب إحياء علوم الدين للعلامة الإسلامى الغزالى عن أم كلثوم (إحدى بنات النبى) أنها قالت: «ما سمعت رسول الله يرخص فى شىء من الكذب إلا قى ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الصلاح والرجل يقول القول فى الحرب والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها». وفى حديث آخر جمع النبى كل المواقف التى يحل فيها الكذب فقال: «كل الكذب يكتب على ابن آدم لا محالة إلا أن يكذب الرجل فى الحرب فإن الحرب خدعة أو يكون بين الرجلين شحناء فيصلح بينهما أو يحدث امرأته فيرضيها». هذه الآيات القرآنية جميعها والأحاديث النبوية توضح أن الله يغفر للمسلم الكذب غير المقصود بل أيضاً يغفر للمسلم الكذب المقصود بعد أداء بعض الفروض ككفارة. أيضاً توضح أنه من حق المسلم أن يكذب بعد القسم، وأن ينكر إيمانه بالله طالما يقول ذلك بلسانه فقط بينما يتمسك بالإيمان فى قلبه. أما من يكذب دون حاجة لذلك ولا لهدف مما ذكر فى الكتاب والسنة فإنه بذلك يكون مذنبا منافقا.>
المصدر: جريدة الدستور الأردنية
------------------------------
وفى الختام دستور الإسلام القرآن الكريم:
فى معنى أن الكذب من الآثام قال سبحانه وتعالى:
* انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا * (النساء: ٥٠)
وعندما يقترن الكذب بالظلم والإفتراء، قوله جل شأنه:
* وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * (الأنعام: ٢١)
وفى الكذب الضلال، قوله جلت حكمته:
* انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ * (الأنعام: ٢٤)
صدق الله العظيم
-----------------------------
الإنشاء : [Minhageat.com]