إستشكال السماء وأين الله؟!

نجئ للرأى القائل بالجهة، أجمعت الأمة، أئمتها وعلمائها وجهالها بالدعاء والتضرع إلى الإله برفع اليد متجهة إلى السماء، بالرغم من هذا الإجماع هناك من يخالف. دليل على أنهم إختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، وهو نفس الدليل الذى يجمع بينهم بعد طول شتات، موضوعنا.

أولا: ماذا فى السماء؟ وكيف ترى كوكبنا الأرضى بالنسبة للكون؟

التقديرات الفلكية كلها تقريبية، تقول إحداها:

(اللأرض نقطة صغيرة إلى اليسار من الكواكب الأخرى التى تدور حول الشمس)

الشمس أكبر من الأرض مليون مرة.

(مجرة درب  التبانة، الشمس إحدى النقاط الصغيرة)

تتألف مجرتنا "درب التبانة" (MILKY WAY) التي تضم مجموعتنا الشمسية من 200 مليار (المليار 9 أصفار إلى يمين الواحد، أو ألف مليون، أو بليون بالأمريكى) على الأقل من النجوم مثل شمسنا (فى التقديرات الأخيرة العدد يقترب من 400 مليار). النظام الشمسي بأكمله هو 1 /200 مليار من مجرتنا. منه أنه من الصعب أن ترى شمسنا عند النظر في درب التبانة.

(مجرة درب التبانة إحدى هذه النقاط)

مصدر الفلكيات:

http://onewithnow.com/a-view-of-our-place-in-the-universe/

الكون به 100 مليار مجرة (GALAXY). حتى مجرتنا هي 1 /100 مليار من الكون. إذا كان لنا أن ننظر في الكون، فإن كل مجرة تبدو نقطة مشرقة ضئيلة للغاية. العدد المقدر من النجوم في الكون حوالى 20 مليار تريليون (أو 20 sextillion) (21 صفر إلى يمين الواحد 10) نجم.

ما يثبته العلم الفلكى دليل على مفهوم قول الخلاق العليم:

* لَخَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَڪۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ * (غافر: 57).

* Assuredly the creation of the heavens and the earth is greater than the creation of mankind; but most of mankind know not.* (Ghafir: 57) 

فإذا تهيأت بالدعاء إلى الله ورفعت يدك إلى السماء فما تظن يدك مشيرة إليه من بين هذا الكون الرهيب، أى نجم وأى كوكب وأى مكان بإفتراض القول بالجهة التى هى السماء؟

ثانيا: من هذا المنظور الفلكى، شمسنا تمثل 1 /20 مليار تريليون من نجوم الكون، فيمكن تقدير كوكب الأرض على أنه: 1/ مليون من الرقم السابق، ما من شأنه أن يجعل  نصيبنا الأرضى من الكون:

000000000000000000005٪.0 (أو 5 فى 10 أس ناقص 23 %)

من منظور الكون، الأرض تبلغ تقريبا لا شيء. وكل إنسان على الأرض هو بالتالى لا شيئ من هذا اللا شيء، مع ذلك فهو محور الكون الرهيب فى كل الرسالات السماوية.

 

(مدار الأرض حول الشمس، حيث تدور الأرض حول محورها المائل قليلاً عمودياً على مدارها الشمسى)

ثالثا: يقولون أيضا بأن سرعة دوران الأرض حول محورها، حول نفسها، يصل إلى حوالى 1,600 (ألف وستمائة) كيلو متر فى الساعة. بحسبه بسيطة فإن اليد المرفوعة إلى السماء، وصاحبها، تتحرك بسرعة حوالى 500 متر فى الثانية الواحدة. أى أن الذى يدعو مع كل كلمة فى دعائه، لا تشير يده إلى نفس المكان فى السماء الذى كانت تشير إليه من ثانية مضت. بالرغم من سكون اليد عند الدعاء، فهى تتحرك رغما عن صاحبها. فمن قال من المتكلمين بأن الله فى السماء ويقصد جهة محددة فهو باطل لا دليل علمى عليه هذه الأيام. بمعنى آخر إن كانت هناك تلك الجهة فلن تقصدها وأنت على الأرض فى كل المرات، فالسماء ليلا غير السماء نهاراـ إلا أن تكون فى مركبة فضائية ثابتة المدار، نظرية المدار الذى يدور فيه القمر الصناعى لبث الإرسال التليفزيونى إلى الأرض، فهو يدور بنفس سرعة دوران الأرض حتى يشير إرساله لمكان ثابت على الأرض، زاوية إستقبال القناة. وحتى من المركبة الفضائية فهى تابع للأرض مثل القمر، تدور معها حول الشمس.

ليس هذا فحسب، فإن الأرض تدور فى مدارها حول الشمس بسرعة تصل لحوالى 107,000 كيلومتر فى الساعة، أى حوالى 3 كيلومتر فى الثانية، سرعة تحرك الأرض بمن فيها حول الشمس. فاليد الممدودة إلى السماء فى الدعاء تتحرك فى إتجاهين شبه عموديين، بسرعة نصف كيلومتر فى إتجاه وثلاث كيلومترات كل ثانية فى الإتجاة العمودى. فهل تشير اليد إلى نفس السماء مع كل حرف يقال فى الدعاء؟

فائدة: مفاد ذلك العلم أنك فى الدعاء لا تشير يدك إلى مكان واحد الذى يفترضه أهل القول بالجهة أوالمكان أو الجسم. ومن قالوا بأن الله فى كل مكان قد أصابوا من هذه الزاوية العلمية الحديثة بإفتراض جهة ثابتة، فليست كذلك. أصحاب هذا القول ردوا مغالطة رفع اليد إلى السماء بالدعاء، وإن كانت فى الحقيقة لا تشير إلى ثابت، بأن مقصودها ليس جهة مكانية معينة، إنما جهة العلو والسمو المعنوية التى تليق بالإله، ولله المثل الأعلى. مع التسليم بهذا القول، ما ذا عن دعاء المصلى فى السجود وليس مستقبلا قبلة السماء التى فيها الإله، فهل يصل دعاؤه إلى ربه؟ بل قالوا بأنه أكثر الدعاء قربا من لله، يقصدون حالة الخشوع.

منه لو تعمد الداعى أو المصلى التوجه لمكان ما أو وجهة ما فيها الإله فليس بقاصدها البتة، وقد فاته الإله. الأصح علميا أن الله فى كل مكان حتى لو تعمدت التوجه لجهة معينة، كنت رافعا اليد إلى السماء أو ساجدا.

مسك الختام كلام القدوس السلام:

* وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * (الزمر: ٦٧)

 * And they esteem not Allah as He hath the right to be esteemed, when the whole earth is His handful on the Day of Resurrection, and the heavens are rolled in His right hand. Glorified is He and High Exalted from all that they ascribe as partner (unto Him). * (Azzumur: 67)

صدق الله العظيم‏

يتبع بإذنه تعالى: إستشكال السماء: الأدلة النقلية.