قال العزيز الحكيم جل شأنه:
* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ * (البقرة: 185).
وقال:
* ذَلِكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدً۬ى لِّلۡمُتَّقِينَ * (البقرة: 2).
وقال:
* إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ * (الإسراء: 9).
وقال:
* أوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ * (الأنعام: 157).
ثابت فى مواضع كثيرة أن القرآن الكريم فيه هدى للناس يهديهم لما هو أقوم فى أمور دنياهم ولآخرتهم سواء، إذا ما أستوعبوه وآمنوا بما جاء فيه، المسلمون فى المبتدى. ومن لم يقرأ القرآن ويقف على محتواه فقد امتنع منطقيا عن الهدى به. فى مواضع أخرى كثيرة ثابت أيضا أن الله يهدى من يشاء من عباده، هدى مباشرا مطلقا ليس خاص بمن قرأ القرآن أو الرسالات السماوية، آمن بأى منها أو لم يؤمن، ذلك هدى الله المباشر حتى لو كان الإنسان من الغافلين أو الضالين، منه قوله جلت حكمته وفيض فضله:
* قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * (البقرة: 142).
وقال فى المعنى:
* نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ * (يوسف: 3).
حتى الرسل والأنبياء هداهم الله بالوحى أو من دونه بعد أن كانوا فى غفلة أو ضلال. أنظر فى قوله لرسوله الكريم صلوات الله عليه وتسليمه:
* وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ۬ فَهَدَىٰ * (الضحى: 7).
وإن كان لا يهدى الفاسقين، قوله جلت قدرته:
* وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * ﴿المائدة: ١٠٨﴾.
ولا يهدى الظالمين، قوله جل ذكره:
* إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * ﴿الأنعام: ١٤٤﴾.
ولا يهدى الكافرين، قوله تعالى فى محكم كتابه:
* إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * ﴿المائدة: ٦٧﴾.
على أنه يجب التنويه منعا للإلتياس أن ليس من كفر إلا بعد التبليغ والعلم، أهل الإعتقاد والكلام أهل لها، مفاد قوله تعالى:
* وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا * (الإسراء: 9).
وقد قال لرسوله الكريم صلوات الله عليه وتسليمه: "ووجدك ضالا فهدى" ولم يقل له: "ووجدك كافرا".
فإن أسلمت وتدبرت القرآن كنت على طريق الهدى إلى صراط مستقيم جنيته بجهدك وإجتهادك، بعقلك وفؤادك، وفى آن واحد كنت من قبل ذلك ومن بعده على طريق الهدى المباشر من الله تعالى موقوف على مشيئته وفضله، والله يعلم مشتمل رسالته من أسباب، لم وكيف وأين ومتى؟ أى أن إسلامك يعطيك الفرصة للهدى مرتين: مباشر وغير مباشر، الأخير من طريق الرسالة السماوية، مفاد قوله تعالى:
* لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ ۚ * (الأنعام: 157).
"أهدى" مقارنة بين حالتين من الهدى، الذى أنزل عليه الكتاب هداه أكثر ممن لم يصبه، وأن من لم يصبه على هدى أيضا إنما الأقل.
فى الآيه الكريمة عن رمضان يقول العزيز الحكيم:
* هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ * (البقرة: 185).
نظرنا أن هناك فارق بين الهدى الأول الذى هو بالقرآن والهدى الثانى من الله تعالى المباشر دليله البينات. "بينة" فى اللغة هى الحجة والدليل والبرهان القاطع، وفى القضاء الشهادة الفارقة. منه أن القرآن الكريم يحتوى عى دلائل قاطعة على أن الله يهدى من يشاء من عباده بإطلاق، آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله أو لم يؤمن.هنا سؤال الموضوع: هل هدى الله عالم الميكانيكا الفذ "نيوتن" (صاحب التفاحة) إلى قوانين الجاذبية الأرضية كدليل على هدى الله المباشر، وقد كان مؤمنا بالله واحد أحد لا شريك له نابذا للتثليث فى المسيحية؟ لقد أشار إليها جل ذكره فى القرآن بقوله:
* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ * (التوبة: 38).
بما يعنى ان الله سبحانه وتعالى الخالق البارئ المصور يهدى من يشاء من عباده، الراسخين فى العلم بالأولى، لإثبات إعجازه فى الكون وتسديد البينات الدالة عليه خالق الكون. تضعيف الفعل يعتبر من المجاز (كتابى "البرهان" و"الإتقان" فى علوم القرآن، سبق) والذى يلزم له التأويل، فإثاقلتم تضعيف تثاقلتم، ليس الفعل من المحكم. والمعنى فى قوله تعالى: "اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ" لا يستقيم عقليا إلا بهذا التأويل، أن الأرض تجذبهم بثقلهم.
تعجب أنه فى علم الميكانيكا تسمى الجاذبية الأرضية ب"التثاقل"، وما من ميكانيكا إلا بهذا التثاقل لذا أعتبر "نيوتن" أبا للميكانيكا. ولا نبالغ إن قلنا أنه ما من تقدم علمى وتكنولوجي بدون الجاذبية، بل نلمس الحقيفة العلمية بأنه لا حياة على الأرض بدون الجاذبية الأرضية، تضاف كحتميات ثابته للبقاء مع الماء والهواء. فكيف لا يحتوى الذكر الحكيم على بينات لها وهى من أهم إعجازات الله وسننه جلت قدرته فى الكون والحياة؟ لأن الماء من سننه تعالى فى الكون والحياة باللزوم ضمنها آياته المعجزات وقال جلت حكمته:
* أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * (الأنبياء: 30)
آية الماء محكمة نحويا لأن الدليل لا يحتاج إلى علم متأخر، أقر به العلماء من قبل الرسالة، وإن كانت تحتمل التأويل بدليل طبيعى، لأن الأحياء ليست مصنوعة كلية من الماء وحده، إنما يوجد الماء فى كلها، وكان التأويل: "وجعلنا الماء فى كل شئ حى" لازم الحياة. فإن كانت الجاذبية الأرضية من لازمات الحياة مثل الماء، لا مناص فقد ضمنها جل ذكره آياته المعجزات إنما المتشابهات نحوا وبلاغة، لأن الدليل من المتأخر فى العلم الطبيعى. مثل ذلك مع الهواء الذى جاء دليله متشابها لإحتياجه إلى دليل التأويل من المتأخر من العلم، قوله أحكم الحاكمين:
* فَمَن يُرِدِ اللَّـهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّـهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ* (الأنعام: 125)
إضافة إلى التشبيه بالكاف فمتشابه بلاغى، فإن قوله: "يَصَّعَّدُ" من التضعيف فى الفعل فالمجاز النحوى والمتشابه، لا يثبت دليله إلا فى عصر الفضاء. هو دليل على المقلة الفضائية، طائرة كانت أو سفينة فضاء، لأنه ليس "صعودا" بذاته إنما بأداة أخرى تصعد به، ومن هنا التضعيف فى الفعل. وقوله: "صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا" أنه على شفا حفرة من الموت، فى الوضع الحرج، لتناقص الأكسيجين كلما إرتفع فى الطبقات العليا من الغلاف الجوى، فكان لزومه للحياة مثل الماء والجاذبية الأرضية، وكان من الإعجاز العلمى فى القرآن. وكل لازم للحياة وثوابت الكون له دليل فى الذكر الحكيم يبرهن على وحدانية الخالق. مثل الماء والهواء والجاذبية ضياء الشمس، فقال الخلاق العليم:
* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّـهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * (القصص: 71)
التساؤل إثبات على لازم الحياة، لأن الليل سرمدا بدون ضياء الشمس يعنى الفناء لما على الأرض من أحياء، حقيقة علمية ثابتة. الفناء مدلول قوله: "إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، لأنه بلا ضياء فليس من إمتداد كثير فى الزمن بحرف الجر "إلى"، وكان المتشابه فى الآية الكريمة.
فى هذه الأدلة والبراهين تبيان لمفهوم خاتمية الرسالة وإحتوائها على المتشابه، أن بها دلالة الوحدانية والنبوة والخلق ممتده لما بعد الوحى، لازمها دلالة علمية متأخرة غير متاحة للرعيل الأول من العلماء. والله أعلم.
* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ * (البقرة: 185).
وقال:
* ذَلِكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدً۬ى لِّلۡمُتَّقِينَ * (البقرة: 2).
وقال:
* إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ * (الإسراء: 9).
وقال:
* أوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ * (الأنعام: 157).
ثابت فى مواضع كثيرة أن القرآن الكريم فيه هدى للناس يهديهم لما هو أقوم فى أمور دنياهم ولآخرتهم سواء، إذا ما أستوعبوه وآمنوا بما جاء فيه، المسلمون فى المبتدى. ومن لم يقرأ القرآن ويقف على محتواه فقد امتنع منطقيا عن الهدى به. فى مواضع أخرى كثيرة ثابت أيضا أن الله يهدى من يشاء من عباده، هدى مباشرا مطلقا ليس خاص بمن قرأ القرآن أو الرسالات السماوية، آمن بأى منها أو لم يؤمن، ذلك هدى الله المباشر حتى لو كان الإنسان من الغافلين أو الضالين، منه قوله جلت حكمته وفيض فضله:
* قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * (البقرة: 142).
وقال فى المعنى:
* نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ * (يوسف: 3).
حتى الرسل والأنبياء هداهم الله بالوحى أو من دونه بعد أن كانوا فى غفلة أو ضلال. أنظر فى قوله لرسوله الكريم صلوات الله عليه وتسليمه:
* وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ۬ فَهَدَىٰ * (الضحى: 7).
وإن كان لا يهدى الفاسقين، قوله جلت قدرته:
* وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * ﴿المائدة: ١٠٨﴾.
ولا يهدى الظالمين، قوله جل ذكره:
* إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * ﴿الأنعام: ١٤٤﴾.
ولا يهدى الكافرين، قوله تعالى فى محكم كتابه:
* إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * ﴿المائدة: ٦٧﴾.
على أنه يجب التنويه منعا للإلتياس أن ليس من كفر إلا بعد التبليغ والعلم، أهل الإعتقاد والكلام أهل لها، مفاد قوله تعالى:
* وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا * (الإسراء: 9).
وقد قال لرسوله الكريم صلوات الله عليه وتسليمه: "ووجدك ضالا فهدى" ولم يقل له: "ووجدك كافرا".
فإن أسلمت وتدبرت القرآن كنت على طريق الهدى إلى صراط مستقيم جنيته بجهدك وإجتهادك، بعقلك وفؤادك، وفى آن واحد كنت من قبل ذلك ومن بعده على طريق الهدى المباشر من الله تعالى موقوف على مشيئته وفضله، والله يعلم مشتمل رسالته من أسباب، لم وكيف وأين ومتى؟ أى أن إسلامك يعطيك الفرصة للهدى مرتين: مباشر وغير مباشر، الأخير من طريق الرسالة السماوية، مفاد قوله تعالى:
* لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ ۚ * (الأنعام: 157).
"أهدى" مقارنة بين حالتين من الهدى، الذى أنزل عليه الكتاب هداه أكثر ممن لم يصبه، وأن من لم يصبه على هدى أيضا إنما الأقل.
فى الآيه الكريمة عن رمضان يقول العزيز الحكيم:
* هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ * (البقرة: 185).
نظرنا أن هناك فارق بين الهدى الأول الذى هو بالقرآن والهدى الثانى من الله تعالى المباشر دليله البينات. "بينة" فى اللغة هى الحجة والدليل والبرهان القاطع، وفى القضاء الشهادة الفارقة. منه أن القرآن الكريم يحتوى عى دلائل قاطعة على أن الله يهدى من يشاء من عباده بإطلاق، آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله أو لم يؤمن.هنا سؤال الموضوع: هل هدى الله عالم الميكانيكا الفذ "نيوتن" (صاحب التفاحة) إلى قوانين الجاذبية الأرضية كدليل على هدى الله المباشر، وقد كان مؤمنا بالله واحد أحد لا شريك له نابذا للتثليث فى المسيحية؟ لقد أشار إليها جل ذكره فى القرآن بقوله:
* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ * (التوبة: 38).
بما يعنى ان الله سبحانه وتعالى الخالق البارئ المصور يهدى من يشاء من عباده، الراسخين فى العلم بالأولى، لإثبات إعجازه فى الكون وتسديد البينات الدالة عليه خالق الكون. تضعيف الفعل يعتبر من المجاز (كتابى "البرهان" و"الإتقان" فى علوم القرآن، سبق) والذى يلزم له التأويل، فإثاقلتم تضعيف تثاقلتم، ليس الفعل من المحكم. والمعنى فى قوله تعالى: "اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ" لا يستقيم عقليا إلا بهذا التأويل، أن الأرض تجذبهم بثقلهم.
تعجب أنه فى علم الميكانيكا تسمى الجاذبية الأرضية ب"التثاقل"، وما من ميكانيكا إلا بهذا التثاقل لذا أعتبر "نيوتن" أبا للميكانيكا. ولا نبالغ إن قلنا أنه ما من تقدم علمى وتكنولوجي بدون الجاذبية، بل نلمس الحقيفة العلمية بأنه لا حياة على الأرض بدون الجاذبية الأرضية، تضاف كحتميات ثابته للبقاء مع الماء والهواء. فكيف لا يحتوى الذكر الحكيم على بينات لها وهى من أهم إعجازات الله وسننه جلت قدرته فى الكون والحياة؟ لأن الماء من سننه تعالى فى الكون والحياة باللزوم ضمنها آياته المعجزات وقال جلت حكمته:
* أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * (الأنبياء: 30)
آية الماء محكمة نحويا لأن الدليل لا يحتاج إلى علم متأخر، أقر به العلماء من قبل الرسالة، وإن كانت تحتمل التأويل بدليل طبيعى، لأن الأحياء ليست مصنوعة كلية من الماء وحده، إنما يوجد الماء فى كلها، وكان التأويل: "وجعلنا الماء فى كل شئ حى" لازم الحياة. فإن كانت الجاذبية الأرضية من لازمات الحياة مثل الماء، لا مناص فقد ضمنها جل ذكره آياته المعجزات إنما المتشابهات نحوا وبلاغة، لأن الدليل من المتأخر فى العلم الطبيعى. مثل ذلك مع الهواء الذى جاء دليله متشابها لإحتياجه إلى دليل التأويل من المتأخر من العلم، قوله أحكم الحاكمين:
* فَمَن يُرِدِ اللَّـهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّـهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ* (الأنعام: 125)
إضافة إلى التشبيه بالكاف فمتشابه بلاغى، فإن قوله: "يَصَّعَّدُ" من التضعيف فى الفعل فالمجاز النحوى والمتشابه، لا يثبت دليله إلا فى عصر الفضاء. هو دليل على المقلة الفضائية، طائرة كانت أو سفينة فضاء، لأنه ليس "صعودا" بذاته إنما بأداة أخرى تصعد به، ومن هنا التضعيف فى الفعل. وقوله: "صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا" أنه على شفا حفرة من الموت، فى الوضع الحرج، لتناقص الأكسيجين كلما إرتفع فى الطبقات العليا من الغلاف الجوى، فكان لزومه للحياة مثل الماء والجاذبية الأرضية، وكان من الإعجاز العلمى فى القرآن. وكل لازم للحياة وثوابت الكون له دليل فى الذكر الحكيم يبرهن على وحدانية الخالق. مثل الماء والهواء والجاذبية ضياء الشمس، فقال الخلاق العليم:
* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّـهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * (القصص: 71)
التساؤل إثبات على لازم الحياة، لأن الليل سرمدا بدون ضياء الشمس يعنى الفناء لما على الأرض من أحياء، حقيقة علمية ثابتة. الفناء مدلول قوله: "إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، لأنه بلا ضياء فليس من إمتداد كثير فى الزمن بحرف الجر "إلى"، وكان المتشابه فى الآية الكريمة.
فى هذه الأدلة والبراهين تبيان لمفهوم خاتمية الرسالة وإحتوائها على المتشابه، أن بها دلالة الوحدانية والنبوة والخلق ممتده لما بعد الوحى، لازمها دلالة علمية متأخرة غير متاحة للرعيل الأول من العلماء. والله أعلم.
الإشارة القرآنية لها مفادان، مفاد الجاذبية الأرضية كقوة مؤثرة على حركة الأشياء والكون برمته، وإشارة إلى علم الميكانيكا كما أوردنا من قبل، أن الإشارة لعلم من العلوم فى الذكر الحكيم تكون بالعامل الذى لا يستقيم العلم إلا به، هنا أيضا التثاقل هو أساس الميكانيكا وليس من ميكانيكا إلا بالتثاقل إلى الأرض. حتى أنك تشترى وتبيع بالميزان وفيه عنصر التثاقل لإحقاق الحق فى الأداء.
هنا لا شك هدى من الله مباشرة، البينة التى وردت فى آية رمضان الكريمة. لكن هناك متعلق آخر، فالإمام الرازى صاحب تفسير "مفاتيح الغيب" كان ميكانيكيا من قبل نيوتن (الصورة أسفل)، فهل هدى الله الرازى من الطريقين المباشر وغير المباشر؟ لم لا؟ فهذا هو الفيض من فضله تعالى على من يشاء من عباده، الراسخين فى العلم على وجه الخصوص. وهنا أيضا دليل آخر على أن الإسلام أمد النهضة الأوروبية بالخرسانة المسلحة للعلم، فيها الهدى من النوعين. والله أعلم.
قال الخلاق العليم:
* وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * ﴿المائدة: ٤٦﴾
وقال جلت حكمته الهادى إلى سواء الصراط:
* لَّـٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا * ﴿النساء: ١٦٢﴾
وقد كان نيوتن مؤمنا بوحدانية الله على النصرانية فى أصولها مع الحواريين، ناقدا صلبا للتحريف فيها ونابذا للتثليث، راسخا فى العلم، فكان الهدى المباشر جزاءا وفاقا وأجرا عظيما. والله أعلم، منه التوفيق والهدى والرشاد، جل فضله.
* وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * ﴿المائدة: ٤٦﴾
وقال جلت حكمته الهادى إلى سواء الصراط:
* لَّـٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا * ﴿النساء: ١٦٢﴾
وقد كان نيوتن مؤمنا بوحدانية الله على النصرانية فى أصولها مع الحواريين، ناقدا صلبا للتحريف فيها ونابذا للتثليث، راسخا فى العلم، فكان الهدى المباشر جزاءا وفاقا وأجرا عظيما. والله أعلم، منه التوفيق والهدى والرشاد، جل فضله.
السير إسحق نيوتن Newton
مسك الختام قول الملك القدوس السلام:
* سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *
صدق الله العظيم
- Printer-friendly version
- 1032 views