التلازم فى المثانى.
التلازم فى المثانى. من حديث المثانى الإقتران والتلازم بين عنصرى الثنائية، ذكرناه من قبل، أنهما لا ينفكان عن بعضهما البعض وجودا وعدما، فمتى كان هناك شكل كان له موضوع، ومتى كان هناك غاية كانت لها وسيلة، ومتى كان هناك عام كان تحته خصوص.
نحن لا نقول فى المثانى إلا بأدلة من الذكر الحكيم، فإذا تماشت الوضعيات مع القرآنيات فليس معنى ذلك أننا نستدل بالأولى على الأخيرة. فى مواضع آخرى قلنا ما معناه إن حدث ذلك فهنا مكان لهدى الله المباشر. فى الإقتران والتلازم بين عنصرى الثنائية دليله فى الذكر الحكيم وقوله أحكم الحاكمين:
* لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * (البقرة: ٢٥٦)
وقوله:
* وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * (لقمان: 20 -2)
ذكر لفظ الجلالة مرتين فى كل آية من الآيتين، وكرر الإستمساك بالعروة الوثقى على مدار الذكر الحكيم مرتين فقط إشارة للمثانى، إقترنت الأولى بعدم الإنفصام، قوله: "لَا انفِصَامَ لَهَا" صفة للعروة الوثقى. أن من الصفات الأساسية للسبع المثانى التلازم، لا ينفك أحد عنصرى أو طرفى الثنائية عن الآخر، وجودا وعدما.
نحن لا نقول فى المثانى إلا بأدلة من الذكر الحكيم، فإذا تماشت الوضعيات مع القرآنيات فليس معنى ذلك أننا نستدل بالأولى على الأخيرة. فى مواضع آخرى قلنا ما معناه إن حدث ذلك فهنا مكان لهدى الله المباشر. فى الإقتران والتلازم بين عنصرى الثنائية دليله فى الذكر الحكيم وقوله أحكم الحاكمين:
* لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * (البقرة: ٢٥٦)
وقوله:
* وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * (لقمان: 20 -2)
ذكر لفظ الجلالة مرتين فى كل آية من الآيتين، وكرر الإستمساك بالعروة الوثقى على مدار الذكر الحكيم مرتين فقط إشارة للمثانى، إقترنت الأولى بعدم الإنفصام، قوله: "لَا انفِصَامَ لَهَا" صفة للعروة الوثقى. أن من الصفات الأساسية للسبع المثانى التلازم، لا ينفك أحد عنصرى أو طرفى الثنائية عن الآخر، وجودا وعدما.
لا نعتقد - على قدر علمنا - أن الفلسفات الوضعية قد نبهت لهذه الصفة فى الجدل. عند ماركس مثلا، وهو متأخر عن هيجل أبو الجدل الحديث، هناك البروليتاريا والرأسمالية كعنصرى جدلية التناقض والصراع. مآل الحل أن يختفى أحد الطرفين، الرأسمالية، وليس ذلك بجدل ولا من المثانى المعتبرة فى كليات الوجود، بالتالى لا تلازم. أما هيجل، رحمه الله، رغم صعوبة قراءة فلسفته كما يقول الهيجليون أنفسهم، إلا أننا نستطيع القول بأنه لم يقل بتحول أحد العنصرين للآخر كما فعل ماركس، كما لم يشدد على مسألة التلازم بين عنصرى الثنائية أو الجدلية، فإن كان من إنتقال أو تحول فهو للجدلية برمتها، العنصران سويا فى مركب جديد، أصحاب الفلسفة أدرى بشعابها. الذى نبه إلى هذا التلازم قبل أهل الجدل الغربيين هو الإمام الغزالى رحمه الله فى قوله: "وكل علم مطلوب فلا يمكن أن يستفاد إلا من علمين هما أصلان، ولا كل أصلين بل إذا وقع بينهما إزدواج على وجه مخصوص وشرط مخصوص. فإذا وقع الإزدواج على شرطه أفاد علماً ثالثاً وهو المطلوب."، سبق فى مقالة "النسخ على المثانى". جدير بالذكر أن الإمام لم يستند فى مقولته هذه على الدليل النقلى من الذكر الحكيم الذى نحن بصدده، كما أن التلازم فيها بين العلمين (العنصرين أو طرفى الثنائية) ليس مباشرا إنما يستفاد عقليا من شرط الإزدواج. غالب الأمر هدى من الله جل فضله من خلال التصوف والتقرب إلى الخالق. غنى عن القول أن لغة المنهاج هذه لم تكن معروفة قبلنا، ولله الفضل والمنة.
صفة التلازم تفرق بين أنواع من المثانى، السبع المثانى فقط هى التى تجد فيها هذه الصفة. فإن قلت أن الأبيض والأسود ثنائية من الثنائيات فهى ليست كلية من كليات الوجود وليست من السبع المثانى لأنه يمكن أن يكون عندك أبيض بلا أسود معه أو مستتر فيه واقعا إلا فى المنطق والمعرفة، من ثم لا تلازم فى الثنائية من حيث الإدراك والواقع. أما أن تقول بأن اللون يعبر عن شكل من الأشكال فلا بد من موضوع تحته، جوهر بلغة القدماء، ماهية بلغة المناطقة، ثنائية كلية جامعة لكل ما يعرفه البشر من موجودات مادية كانت أو عقلية. فما هو هذا الأبيض إجابة الموضوع. مثل ذلك فى الأديان، إن قلنا أن الجنة والنار ثنائية على التقابل ليس فيها ولا يلزمها تلازم، فليست من كليات الوجود وإن كانت تشكل صيرورته، إما أن ينال المرء الجنة فى الثواب أو تناله النار بالعذاب، منفصلان من حيث الجزاء واقعا. أما أن الجنة والنار متلازمان من حيث الوجود ككينونة دينية عقائدية فمحل نظر فى علم المثانى، فيها تفصيل للتمييز بينها وبين الأنواع الأخرى من المثانى.
المرتد الدكتور نصر حامد أبوزيد فى كتاباته عن القرآن أسهب وأسهل فى الجدليات حتى فاضت صفحاته بالجدليات، كل شئ عنده فى جدلية ما معتبرا اللغويات، لا يطلق عليها ثنائية. من ذلك جدلية الله / الإنسان (يضعها هكذا بين العنصرين شرطة مائلة). فلو إعتبرناها جدلية صحيحة أو ثنائية من السبع المثانى، كان التلازم فيها يعنى الكفر. من ثم خرجت من حيز الثنائيات المعتبرة وليست بجدلية حقيقية إلا فى دماغه. مسألة كلامية أن الإنسان مخلوق لله، وما تلازم أو سبق المخلوق الخالق، والله غنى عن العلمين، الإنسان يفنى ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فليس من تلازم وجودا وعدما، والعدم يرجع إلى الإنسان. أما أن هناك "جدل" بين العبد والرب فمسألة تكتنف الكفر أيضا، لم تستبين على المثانى عندنا بعد، تقتضى التعريف والتفرقة بين الجدل والجدال. أما أن هناك "جدال" بينهما فهذا وارد ثابت فى الذكر الحكيم، قول الجليل الباقى جل ذكره:
* هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا * (النساء: 109)
ذكر فعل الجدال مرتين فى نفس الآية دليل المثانى قاطع. ألم تر أن ذكر العروة الوثقى فى سورة لقمان جاء تعقيبا على الحديث عن ثنائية الباطن والظاهر ثم الجدل والعلم فجمع بين النوع وصفتة؟ قوله أحكم الحاكمين:
* أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ * وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * (لقمان: 20 -2)
يمثل هذا الموضوع الدسم إنعطافة كبيرة فى دراسات المثانى والثنائيات والجدل والجدليات والسبع المثانى على وجه الخصوص، لكل مجتهد نصيب. هى إنعطافة تبرهن على أن علم الله لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء، ولا فى العقول حيث تقازمت الوضعيات. هنا نستدعى مقولة شيخ الإسلام إبن تيمية، رحمه الله، فى الحكم بين الناس بما أنزل الله والشهادة عليهم، قال فى كتابه "درء تعارض النقل والعقل":
< والسلف والأئمة الذين ذموا وبدعوا الكلام فى الجوهر والجسم والعرض تضمن كلامهم ذم من يدخل المعانى التى يقصدها هؤلاء بهذه الألفاظ فى أصول الدين، فى دلائله وفى مسائله، نفيا وإثباتا. فأما إذا عرفت المعانى الصحيحة الثابته بالكتاب والسنة وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ ليتبين ما وافق الحق من معانى هؤلاء وما خالفه، فهذا عظيم المنفعة، وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه، كما قال تعالى:
* كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * (البقرة: 213)
وهو مثل الحكم بين سائر الأمم بالكتاب فيما اختلفوا فيه من المعانى التى يعبرون عنها بوضعهم وعرفهم، وذلك يحتاج إلى معرفة معانى الكتاب والسنة، ومعرفة معانى هؤلاء بألفاظهم، ثم إعتبار هذه المعانى بهذه المعانى ليظهر الموافق والمخالف.>
فى الآية الكريمة المشهود بها كرر كل من لفظ الجلالة والإختلاف ثلاث مرات، والحق والهدى على المثانى، دليلا على منهاج الله على المثانى والإختلاف فيه بين الأمم، فساغت مقولة شيخ الإسلام فى هذا المقام.
صفة التلازم تفرق بين أنواع من المثانى، السبع المثانى فقط هى التى تجد فيها هذه الصفة. فإن قلت أن الأبيض والأسود ثنائية من الثنائيات فهى ليست كلية من كليات الوجود وليست من السبع المثانى لأنه يمكن أن يكون عندك أبيض بلا أسود معه أو مستتر فيه واقعا إلا فى المنطق والمعرفة، من ثم لا تلازم فى الثنائية من حيث الإدراك والواقع. أما أن تقول بأن اللون يعبر عن شكل من الأشكال فلا بد من موضوع تحته، جوهر بلغة القدماء، ماهية بلغة المناطقة، ثنائية كلية جامعة لكل ما يعرفه البشر من موجودات مادية كانت أو عقلية. فما هو هذا الأبيض إجابة الموضوع. مثل ذلك فى الأديان، إن قلنا أن الجنة والنار ثنائية على التقابل ليس فيها ولا يلزمها تلازم، فليست من كليات الوجود وإن كانت تشكل صيرورته، إما أن ينال المرء الجنة فى الثواب أو تناله النار بالعذاب، منفصلان من حيث الجزاء واقعا. أما أن الجنة والنار متلازمان من حيث الوجود ككينونة دينية عقائدية فمحل نظر فى علم المثانى، فيها تفصيل للتمييز بينها وبين الأنواع الأخرى من المثانى.
المرتد الدكتور نصر حامد أبوزيد فى كتاباته عن القرآن أسهب وأسهل فى الجدليات حتى فاضت صفحاته بالجدليات، كل شئ عنده فى جدلية ما معتبرا اللغويات، لا يطلق عليها ثنائية. من ذلك جدلية الله / الإنسان (يضعها هكذا بين العنصرين شرطة مائلة). فلو إعتبرناها جدلية صحيحة أو ثنائية من السبع المثانى، كان التلازم فيها يعنى الكفر. من ثم خرجت من حيز الثنائيات المعتبرة وليست بجدلية حقيقية إلا فى دماغه. مسألة كلامية أن الإنسان مخلوق لله، وما تلازم أو سبق المخلوق الخالق، والله غنى عن العلمين، الإنسان يفنى ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فليس من تلازم وجودا وعدما، والعدم يرجع إلى الإنسان. أما أن هناك "جدل" بين العبد والرب فمسألة تكتنف الكفر أيضا، لم تستبين على المثانى عندنا بعد، تقتضى التعريف والتفرقة بين الجدل والجدال. أما أن هناك "جدال" بينهما فهذا وارد ثابت فى الذكر الحكيم، قول الجليل الباقى جل ذكره:
* هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا * (النساء: 109)
ذكر فعل الجدال مرتين فى نفس الآية دليل المثانى قاطع. ألم تر أن ذكر العروة الوثقى فى سورة لقمان جاء تعقيبا على الحديث عن ثنائية الباطن والظاهر ثم الجدل والعلم فجمع بين النوع وصفتة؟ قوله أحكم الحاكمين:
* أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ * وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * (لقمان: 20 -2)
يمثل هذا الموضوع الدسم إنعطافة كبيرة فى دراسات المثانى والثنائيات والجدل والجدليات والسبع المثانى على وجه الخصوص، لكل مجتهد نصيب. هى إنعطافة تبرهن على أن علم الله لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء، ولا فى العقول حيث تقازمت الوضعيات. هنا نستدعى مقولة شيخ الإسلام إبن تيمية، رحمه الله، فى الحكم بين الناس بما أنزل الله والشهادة عليهم، قال فى كتابه "درء تعارض النقل والعقل":
< والسلف والأئمة الذين ذموا وبدعوا الكلام فى الجوهر والجسم والعرض تضمن كلامهم ذم من يدخل المعانى التى يقصدها هؤلاء بهذه الألفاظ فى أصول الدين، فى دلائله وفى مسائله، نفيا وإثباتا. فأما إذا عرفت المعانى الصحيحة الثابته بالكتاب والسنة وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ ليتبين ما وافق الحق من معانى هؤلاء وما خالفه، فهذا عظيم المنفعة، وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه، كما قال تعالى:
* كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * (البقرة: 213)
وهو مثل الحكم بين سائر الأمم بالكتاب فيما اختلفوا فيه من المعانى التى يعبرون عنها بوضعهم وعرفهم، وذلك يحتاج إلى معرفة معانى الكتاب والسنة، ومعرفة معانى هؤلاء بألفاظهم، ثم إعتبار هذه المعانى بهذه المعانى ليظهر الموافق والمخالف.>
فى الآية الكريمة المشهود بها كرر كل من لفظ الجلالة والإختلاف ثلاث مرات، والحق والهدى على المثانى، دليلا على منهاج الله على المثانى والإختلاف فيه بين الأمم، فساغت مقولة شيخ الإسلام فى هذا المقام.
والله أعلم، هو الهادى إلى سواء الصراط.
فى كتاب "إشراق المنهاج" إحاطة وتفصيل أكثر عن السبع المثانى والتلازم فيها، وبالله التوفيق.
- 72 views